الوظيفة الاتصالية للعلاقات العامة في دعم ممارسات المسؤولية الاجتماعية للشركات

الوظيفة الاتصالية للعلاقات العامة في دعم ممارسات المسؤولية الاجتماعية للشركات

فهرس المحتوي

المقدمة:

في عصر يتسم بتزايد وعي المجتمعات بقضايا العدالة الاجتماعية، وحماية البيئة، والتنمية المستدامة، أصبحت المؤسسات مطالبة بأداء دور يتجاوز السعي وراء الأرباح إلى الإسهام الفاعل في خدمة المجتمع. هنا تبرز المسؤولية الاجتماعية للشركات (CSR) كإطار استراتيجي يوجّه سلوك الشركات نحو التفاعل الإيجابي مع قضايا المجتمع والبيئة. ومع اتساع هذا المفهوم وتطور ممارساته، تزداد أهمية العلاقات العامة كوظيفة محورية تضمن تحقيق التكامل بين أهداف المؤسسة ومصالح المجتمع.

وتأتي الوظيفة الاتصالية للعلاقات العامة في صميم هذا الدور، حيث تشكل الأداة الأساسية التي من خلالها تُصاغ الرسائل، وتُبنى السرديات المؤسسية، وتُدار الحوارات مع مختلف أصحاب المصلحة. فالاتصال الفعّال لا يقتصر على الترويج للمبادرات الاجتماعية فحسب، بل يُعدّ آلية استراتيجية لخلق الوعي، وتعزيز المصداقية، وتوطيد الثقة بين المؤسسة والجمهور.

لم تعد العلاقات العامة مجرد قناة إعلامية تقليدية، بل تحولت إلى عنصر فاعل في صياغة السياسات الاجتماعية للمؤسسة، وبناء صورتها الذهنية، وإدارة التوقعات المجتمعية. ومن خلال أدواتها المتنوعة – كالتواصل الرقمي، وتنظيم الفعاليات، والإعلام المجتمعي – تلعب العلاقات العامة دورًا ديناميكيًا في إيصال التزامات الشركة المجتمعية بشفافية ومهنية.

ومع ذلك، لا تخلو هذه الوظيفة من التحديات، خاصة في ظل تعقّد بيئات الأعمال وتنامي الشكوك حول مصداقية بعض الممارسات الاجتماعية. كما أن الفجوة بين ما يُعلَن في الحملات الاتصالية وما يُطبّق على أرض الواقع قد تؤثر سلبًا على صورة المؤسسة وتضعف من أثر جهودها.

من هذا المنطلق، يسعى هذا المقال إلى استكشاف الأبعاد النظرية والعملية للوظيفة الاتصالية للعلاقات العامة في سياق دعم المسؤولية الاجتماعية. وسنبدأ باستعراض الخلفية النظرية لكل من العلاقات العامة وCSR، قبل أن نتعمق في مفهوم الوظيفة الاتصالية ودورها الاستراتيجي، وآلياتها الاتصالية، ثم ننتقل لتحليل دورها في بناء الصورة الذهنية، واستعراض تجارب تطبيقية، وأخيرًا نناقش أبرز التحديات والتوصيات لتفعيل هذا الدور الحيوي.

الإطار النظري للعلاقات العامة والمسؤولية الاجتماعية

أولًا: تطور مفاهيم العلاقات العامة من الترويج إلى المشاركة المجتمعية

شهدت العلاقات العامة تحولاً كبيراً في مفاهيمها ووظائفها خلال العقود الماضية. ففي بداياتها، كانت العلاقات العامة تُمارس بوصفها أداة ترويجية تستهدف تحسين صورة المؤسسة وزيادة الوعي بعلامتها التجارية من خلال الإعلام والنشر. كانت تعتمد على نموذج الاتصال أحادي الاتجاه، حيث تنتج المؤسسة الرسائل وتوجهها إلى الجمهور دون تفاعل أو استماع حقيقي.

ومع تطور الفكر الاتصالي وزيادة وعي المؤسسات بأهمية الرأي العام، تطورت العلاقات العامة إلى نمط أكثر تفاعلاً، حيث انتقلت من مجرد الترويج إلى المشاركة المجتمعية، وأصبحت تمثل حلقة وصل بين المؤسسة وبيئتها الخارجية. هذا التحول واكب تطور مفهوم “الاتصال المتكافئ”، الذي يقوم على الحوار والاستماع والتفاعل مع الجمهور، وأدى إلى إعادة تعريف العلاقات العامة كممارسة استراتيجية تدعم المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات.

توسعت مهام العلاقات العامة لتشمل بناء العلاقات مع المجتمع المحلي، دعم قضايا البيئة، المساهمة في التعليم والصحة، والعمل على تحقيق أهداف التنمية المستدامة. هذا التوسع أسهم في ترسيخ موقع العلاقات العامة كمكون رئيسي في منظومة الحوكمة المؤسسية وممارسات المسؤولية الاجتماعية.

ثانيًا: مبادئ المسؤولية الاجتماعية وأبعادها

تعرف المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات (Corporate Social Responsibility – CSR) بأنها التزام المؤسسة بالمساهمة في التنمية المستدامة، من خلال العمل على تحسين الظروف الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للمجتمع الذي تعمل فيه. ويستند هذا المفهوم إلى أربعة أبعاد أساسية:

  1. البُعد الاقتصادي: يمثل القاعدة الأساسية، حيث يُتوقع من المؤسسة أن تكون مربحة وتساهم في النمو الاقتصادي من خلال خلق فرص العمل ودفع الضرائب. ويُعد الأداء المالي المستقر عاملاً ضرورياً للاستدامة، ولكنه لم يعد كافياً دون مسؤولية اجتماعية متكاملة.
  2. البُعد القانوني: يعبّر عن التزام المؤسسة بالقوانين والتشريعات المحلية والدولية، مثل قوانين العمل، حماية البيئة، وحقوق المستهلك. تعتبر الاستجابة القانونية أحد معايير الحكم الرشيد للمؤسسات.
  3. البُعد الأخلاقي: يشير إلى سلوك المؤسسة بما يتجاوز الامتثال القانوني، مثل الممارسات الأخلاقية في التسويق، الشفافية، النزاهة، واحترام حقوق الإنسان. هذا البُعد يتصل مباشرة بثقافة المؤسسة وقيمها.
  4. البُعد الخيري/الإنساني: يتعلق بالمبادرات التطوعية وغير الربحية، كدعم الجمعيات الخيرية، الاستثمار في التعليم أو الصحة، والإسهام في مواجهة الكوارث. وغالبًا ما يُستخدم هذا البُعد لتحسين العلاقة مع المجتمع وتعزيز السمعة المؤسسية.

ثالثًا: التقاطعات النظرية بين العلاقات العامة و CSR في الأدبيات الحديثة

تشير الأدبيات الأكاديمية الحديثة إلى تقارب واضح بين العلاقات العامة والممارسات المسؤولة اجتماعياً، حيث تؤدي العلاقات العامة دوراً محورياً في التخطيط والتواصل والترويج لمبادرات المسؤولية الاجتماعية. أبرز النقاط المشتركة بينهما تشمل:

  • الرؤية الاستراتيجية: كلا المجالين يسعيان إلى تحقيق أهداف مؤسسية طويلة المدى، تتجاوز المنفعة التجارية المباشرة، وتركز على بناء علاقات مستدامة مع أصحاب المصلحة.
  • التركيز على أصحاب المصلحة: تعتمد العلاقات العامة وCSR على فهم احتياجات وتوقعات مختلف الجماهير، والتفاعل معهم بما يعزز الثقة والمصداقية.
  • الاتصال كوسيلة مركزية: الاتصال الفعّال هو جوهر العلاقات العامة، وهو كذلك أداة حيوية في نقل أهداف وممارسات المسؤولية الاجتماعية. كما يُستخدم لتقييم مدى تقبّل الجمهور لتلك الممارسات.
  • تعزيز السمعة المؤسسية: تشترك العلاقات العامة وCSR في كون كلٍ منهما يسهم في بناء صورة ذهنية إيجابية عن المؤسسة، وهو ما ينعكس على ثقة المجتمع، ولاء العملاء، وقرارات الشراء.
  • التنمية المستدامة كهدف مشترك: تهدف العلاقات العامة في شراكتها مع CSR إلى تحقيق التوازن بين المصالح الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وهو جوهر الاستدامة المؤسسية.

وقد طورت بعض الدراسات نماذج نظرية تصف العلاقات العامة كـ”محفّز للـCSR”، حيث تتولى إدارة الاتصال الداخلي والخارجي لتأطير ممارسات المؤسسة الاجتماعية ضمن استراتيجية تواصل شاملة، تحقق الانسجام بين رسالة المؤسسة وقيمها المجتمعية.

 الوظيفة الاتصالية للعلاقات العامة: المفهوم والأبعاد

أولًا: تعريف الوظيفة الاتصالية ودورها الاستراتيجي داخل المؤسسة

تُعد الوظيفة الاتصالية جوهر عمل العلاقات العامة، إذ تقوم على إدارة تدفق المعلومات داخل المؤسسة وبينها وبين محيطها الخارجي، بما يضمن بناء صورة إيجابية، وتحقيق التفاهم المتبادل، وتعزيز الثقة مع كافة الأطراف ذات العلاقة.

الوظيفة الاتصالية في هذا السياق لا تقتصر على “نقل الرسائل”، بل تشمل إدارة الحوار، توجيه الرأي العام، وتنسيق العلاقات بما يتماشى مع الأهداف الاستراتيجية للمؤسسة. فهي عملية مزدوجة الاتجاه، تنطوي على إرسال واستقبال الرسائل، وفهم ردود الأفعال، وتكييف السياسات الاتصالية بناء على الملاحظات المتلقاة.

في السياق الاستراتيجي، تؤدي الوظيفة الاتصالية دورًا تكامليًا بين الإدارات المختلفة داخل المؤسسة، وتسهم في صياغة السياسات العامة وصناعة القرار، من خلال ما يلي:

  • تحليل بيئة المؤسسة الاتصالية: عبر استقصاء توقعات أصحاب المصلحة واحتياجاتهم، وقياس اتجاهات الجمهور.
  • بناء استراتيجية تواصل متكاملة: تتسق مع رؤية المؤسسة ورسالتها، وتعكس التزاماتها الاجتماعية والقيمية.
  • إدارة السمعة المؤسسية: عبر التواصل الشفاف والفعال، خصوصًا في أوقات الأزمات أو التغير المؤسسي.
  • تحقيق الاندماج المؤسسي: من خلال تعزيز التواصل الداخلي، وبناء ثقافة تنظيمية موحدة، داعمة للمسؤولية الاجتماعية.

من هذا المنظور، لم تعد العلاقات العامة مجرد وظيفة تنفيذية، بل أصبحت جزءاً من منظومة القيادة المؤسسية، تسهم في تعزيز الأداء العام للمؤسسة عبر توظيف الاتصال كأداة استراتيجية فعالة.

ثانيًا: الفرق بين الاتصال الإعلامي والاتصال المجتمعي في سياق العلاقات العامة

رغم أن الاتصال الإعلامي والاتصال المجتمعي يشتركان في كونهما وظيفتين اتصاليّتين تُمارسان ضمن العلاقات العامة، إلا أن بينهما فروق جوهرية تتعلق بالجمهور المستهدف، الأهداف المرجوة، والوسائل المستخدمة:

المقارنةالاتصال الإعلاميالاتصال المجتمعي
الهدفإيصال الرسائل المؤسسية للجمهور العام وتعزيز الصورة الذهنيةبناء علاقات طويلة الأمد مع المجتمع المحلي وتعزيز المشاركة المجتمعية
الجمهور المستهدفالجمهور العام، وسائل الإعلام، العملاء، المستثمرينالمجتمع المحلي، الفئات المتأثرة بالمؤسسة، منظمات المجتمع المدني
الوسائلالبيانات الصحفية، المؤتمرات الإعلامية، المقابلات، الحملات الإعلاميةاللقاءات المباشرة، الشراكات المجتمعية، المبادرات الاجتماعية، الحملات التطوعية
الطابعغالبًا ما يكون أحادي الاتجاه أو إعلاميًاتفاعلي وتشاركي في طبيعته
النتائج المتوقعةزيادة الوعي، تحسين السمعة، الرد على الأزماتكسب ثقة المجتمع، إحداث تأثير اجتماعي إيجابي، تعزيز الولاء

وفي ظل تنامي دور المؤسسات كمواطنين مسؤولين في المجتمع، بات الاتصال المجتمعي أحد الأعمدة الأساسية لممارسات المسؤولية الاجتماعية، وتتم إدارته من خلال فرق العلاقات العامة ذات الرؤية الاستراتيجية والتوجه المجتمعي.

ثالثًا: أدوار الاتصال الداخلي والخارجي في دعم المسؤولية الاجتماعية

  1. الاتصال الداخلي ودوره في تعزيز ثقافة المسؤولية الاجتماعية

الاتصال الداخلي يمثل العمود الفقري لأي استراتيجية فعالة للمسؤولية الاجتماعية. إذ يُعد العاملون في المؤسسة هم السفراء الفعليون لرسالتها الاجتماعية، ولا يمكن ترجمة القيم والمبادئ إلى أفعال دون إشراكهم ودعمهم. وتشمل أدوار الاتصال الداخلي ما يلي:

  • نشر الوعي بمبادئ المسؤولية الاجتماعية داخل المؤسسة: من خلال الحملات التوعوية، والنشرات الداخلية، واللقاءات المفتوحة مع الإدارة.
  • تعزيز مشاركة الموظفين في المبادرات المجتمعية: عبر برامج التطوع المؤسسي، وتشجيع ثقافة العمل المجتمعي.
  • غرس القيم الأخلاقية: مثل الشفافية، النزاهة، والانضباط، باعتبارها امتدادًا للمسؤولية الاجتماعية.
  • خلق بيئة عمل داعمة للعدالة الاجتماعية والبيئية: وتشجيع سياسات التنوع والمساواة والاستدامة.
  1. الاتصال الخارجي كأداة لبناء الشراكات المجتمعية والشفافية

يمثل الاتصال الخارجي الوسيلة الأساسية لنقل التزام المؤسسة الاجتماعي إلى المجتمع، وبناء الثقة مع أصحاب المصلحة من خلال:

  • الإفصاح الشفاف عن مبادرات المسؤولية الاجتماعية: سواء عبر التقارير السنوية، أو الحملات الإعلامية الموجهة، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
  • إدارة العلاقات مع المجتمع المدني ووسائل الإعلام: عبر بناء شراكات استراتيجية، والتفاعل المستمر مع الجمهور.
  • نقل التغذية الراجعة من المجتمع إلى الإدارة: بما يسهم في تحسين البرامج المجتمعية وتوجيهها حسب الأولويات الفعلية للمجتمع.
  • تعزيز السمعة المؤسسية: من خلال ربط الصورة الذهنية للمؤسسة بقيم إنسانية ومجتمعية محترمة.

 الوظيفة الاتصالية للعلاقات العامة لا تقتصر على نشر المعلومات، بل تتسع لتشمل بناء العلاقات، إدارة الهوية المؤسسية، وتعزيز المسؤولية الاجتماعية من الداخل إلى الخارج. فالاتصال الناجح هو ذلك الذي يخلق التفاعل، ويبني الفهم، ويترجم الالتزامات المؤسسية إلى واقع ملموس يشعر به المجتمع والعاملون في آن واحد.

آليات توظيف الاتصال لدعم المسؤولية الاجتماعية

تمثل آليات الاتصال حجر الزاوية في تحويل المسؤولية الاجتماعية من مجرد التزام نظري إلى ممارسة واقعية وملموسة لدى الجمهور والمجتمع. فالمؤسسة التي تتبنى قيمًا إنسانية أو بيئية لا تكتفي بممارستها داخليًا، بل تعمل على إيصال تلك المبادئ إلى جمهورها من خلال استراتيجية اتصالية ذكية، مبنية على أسس علمية وفهم عميق لسلوك المتلقي.

في هذا المحور، نناقش ثلاثة محاور فرعية تُشكل مرتكزات رئيسية لتفعيل المسؤولية الاجتماعية من خلال الاتصال المؤسسي.

أولًا: تصميم الرسائل الاتصالية المرتبطة بالمبادرات الاجتماعية

تصميم الرسائل الاتصالية هو العملية التي تُترجم فيها قيم المؤسسة ومبادراتها الاجتماعية إلى محتوى قابل للفهم، ومؤثر، وذو صدى لدى الجمهور المستهدف. ويجب أن يتسم هذا المحتوى بعدد من الخصائص لضمان فعاليته:

  • الوضوح والبساطة: يجب أن تكون الرسائل مفهومة لكافة فئات الجمهور، وتبتعد عن المصطلحات المعقدة أو التقنية الزائدة.
  • المصداقية والشفافية: الجمهور اليوم أكثر وعيًا، ويتوقع وضوحًا كاملاً في الرسائل التي تتحدث عن المسؤولية الاجتماعية. لذا ينبغي تجنب المبالغة أو “التجميل الاتصالي”، والتركيز على ما تحقق فعليًا.
  • التوجه الإنساني والعاطفي: استخدام القصص الإنسانية، والتأثيرات الإيجابية على الأفراد والمجتمع، يضفي على الرسائل بعدًا وجدانيًا يجعلها أكثر قربًا وتأثيرًا.
  • الاتساق مع هوية المؤسسة: لا بد أن تتماشى الرسائل مع رؤية المؤسسة وقيمها وصورتها الذهنية القائمة، حتى لا تبدو مفصولة عن سياقها الطبيعي.
  • الاستناد إلى بيانات وأدلة: الرسائل المدعومة بالإحصائيات، والنتائج الميدانية، والتقارير المحايدة تعزز من شرعيتها وتزيد من قدرتها على إقناع الجمهور.

ويمكن للمؤسسة تصميم رسائل مختلفة حسب الفئة المستهدفة (موظفون، إعلاميون، مجتمع محلي، شركاء…)، مع مراعاة اختلاف الحاجات والتوقعات.

ثانيًا: اختيار القنوات والمنصات الاتصالية الفعالة (تقليدية ورقمية)

تُعد القنوات الاتصالية الجسر الذي تمر عبره الرسائل إلى الجمهور، وبالتالي فإن نجاح الاتصال يتوقف بدرجة كبيرة على حسن اختيار هذه القنوات. وتتنوع القنوات المستخدمة لدعم مبادرات المسؤولية الاجتماعية ما بين:

القنوات التقليدية:

  • الصحف والمجلات: مناسبة لنقل المبادرات التي تتطلب تغطية تحليلية أو توثيقية.
  • الإذاعة والتلفزيون: تملك تأثيرًا واسعًا وفعّالًا، خاصة في المجتمعات المحلية.
  • الفعاليات والمؤتمرات المجتمعية: تتيح التفاعل المباشر، وتُظهر التزام المؤسسة على أرض الواقع.

القنوات الرقمية:

  • وسائل التواصل الاجتماعي: مثل تويتر، فيسبوك، إنستغرام، لينكدإن، ويوتيوب، وهي منصات ذات تأثير كبير على مختلف الفئات العمرية والاجتماعية.
  • المواقع الإلكترونية الرسمية: وهي مصدر أساسي للمعلومات الموثوقة، ويمكن من خلالها نشر تقارير المسؤولية الاجتماعية، القصص المصورة، ومحتوى الفيديو.
  • النشرات الإلكترونية والبودكاست: تُعد أدوات عصرية وفعالة للوصول إلى جمهور متخصص أو مهتم بقضايا مجتمعية معينة.

وينبغي أن يكون اختيار القناة بناءً على تحليل دقيق لجمهور الهدف، وطبيعة الرسالة، ومدى الحاجة للتفاعل المباشر أو غير المباشر. كما يُفضل التكامل بين القنوات التقليدية والرقمية في حملة واحدة لتعزيز الأثر.

ثالثًا: بناء قصة مؤسسية مؤثرة حول الالتزام الاجتماعي

يُقصد بـ القصة المؤسسية (Institutional Narrative) مجموعة الرسائل المتكاملة التي تُجسد مسيرة المؤسسة في التزامها تجاه المجتمع والبيئة والإنسان، وتُقدَّم بصورة مترابطة تُظهر قيم المؤسسة وأثرها الاجتماعي على المدى الطويل.

ولبناء قصة مؤسسية ناجحة، لا بد من توافر العناصر التالية:

  • الاستمرارية: لا يجب أن تكون القصة متقطعة أو مؤقتة، بل تُروى عبر الزمن، وتظهر التدرج في المبادرات والتطور في النتائج.
  • الواقعية: القصص التي تعتمد على وقائع حقيقية وتجارب حية تُحقق مصداقية أكبر وتأثيرًا أعمق.
  • البعد الإنساني: القصص المرتبطة بتغيير حياة الأفراد، تحسين بيئة محلية، أو دعم فئة مهمشة، تلقى قبولًا واسعًا وتُحدث صدى عاطفي قوي.
  • البطولة الجماعية: يجب أن تُبرز القصة دور الموظفين، الشركاء، وأفراد المجتمع، لا أن تتمحور فقط حول المؤسسة، مما يعزز الإحساس بالمشاركة.
  • التناسق مع الهوية البصرية واللفظية للمؤسسة: استخدام الألوان، اللغة، والأدوات التي تعبر عن شخصية المؤسسة يساعد في تثبيت القصة في أذهان الجمهور.

القصة المؤسسية الناجحة تُعد أداة استراتيجية في تعزيز السمعة، وبناء الثقة، وجذب الشركاء، بل وأحيانًا في التفاوض مع الجهات الحكومية أو الجهات التنظيمية. وهي تتجاوز الدعاية إلى الإقناع القيمي والوجداني.

الاتصال ليس مجرد وسيلة لعرض الأنشطة الاجتماعية للمؤسسة، بل هو وسيلة لبناء علاقات مستدامة، وإشراك المجتمع، وتحقيق أثر مجتمعي طويل الأمد. يتطلب ذلك تصميم رسائل مدروسة، اختيار قنوات فاعلة، وبناء قصة مؤسسية حقيقية تُجسد التزام المؤسسة بالمسؤولية الاجتماعية وتُرسخها في الوعي الجماهيري.

 دور العلاقات العامة في بناء الصورة الذهنية للمؤسسة الاجتماعية

تلعب العلاقات العامة دورًا استراتيجيًا في تشكيل وبناء الصورة الذهنية للمؤسسة، ولا سيما حين ترتبط بأنشطة ومبادرات المسؤولية الاجتماعية. فالصورة الذهنية لا تُبنى فقط عبر ما تقوله المؤسسة عن نفسها، بل من خلال ما تفعله على أرض الواقع، وكيف تُخبر الجمهور بهذه الأفعال، ومدى صدقها وتأثيرها واستمراريتها. وفي هذا السياق، تصبح العلاقات العامة الوسيط الحيوي بين المؤسسة والجمهور، ليس فقط في نقل الرسائل، بل في بناء الثقة، وتعزيز الانطباع الإيجابي، وتثبيت السمعة المؤسسية.

أولاً: كيف تؤثر حملات المسؤولية الاجتماعية على السمعة المؤسسية

تُعد السمعة المؤسسية أحد الأصول غير الملموسة الأكثر قيمة لأي منظمة، وهي ترتبط ارتباطًا مباشرًا بنظرة الجمهور للمؤسسة من حيث أخلاقياتها، التزامها المجتمعي، شفافيتها، وجودة تواصلها. وتُسهم حملات المسؤولية الاجتماعية في دعم السمعة المؤسسية من خلال:

  • إظهار البُعد الإنساني للمؤسسة: حين تُطلق المؤسسة مبادرات تعليمية أو بيئية أو صحية، فإنها تُبرِز بُعدًا إنسانيًا يتجاوز الأهداف الربحية، مما يعزز تعاطف الجمهور معها.
  • تعزيز مفهوم المؤسسة كمواطن مؤسسي (Corporate Citizenship): وهو مفهوم يشير إلى أن المؤسسة ليست كيانًا اقتصاديًا فحسب، بل فاعلًا اجتماعيًا يتحمل مسؤولياته تجاه المجتمع.
  • خلق تغطية إعلامية إيجابية: حملات المسؤولية الاجتماعية غالبًا ما تحظى بتغطيات إعلامية واسعة تُسهم في بناء صورة ذهنية ناصعة للمؤسسة، إذا ما نُفذت واتُّصِل بها بشكل مهني وأخلاقي.
  • تخفيف الأزمات والتحديات: للمؤسسات ذات السمعة الجيدة في المجال الاجتماعي قدرة أكبر على امتصاص الأزمات، حيث يُمنح لها ما يُعرف بـ”الرصيد الرمزي” من الثقة والتسامح المجتمعي.

إلا أن هذا التأثير الإيجابي مشروط بالاستمرارية، والمصداقية، وربط المبادرات باحتياجات المجتمع، وتجنب ما يُعرف بـ”المسؤولية الاجتماعية التسويقية” التي تركز على الترويج أكثر من التأثير الحقيقي.

ثانيًا: العلاقة بين إدراك الجمهور ومصداقية المؤسسة

تُبنى المصداقية المؤسسية على تفاعل مستمر بين ما تقوله المؤسسة، وما تفعله، وما يُدركه الجمهور. وهذا الإدراك يُشكِّل الصورة الذهنية التي قد تختلف أحيانًا عن الصورة التي تحاول المؤسسة رسمها لنفسها. العلاقات العامة هنا تؤدي دورًا محوريًا في:

  • إدارة التوقعات: من خلال الاتصال الشفاف الذي يوضح ما يمكن أن تقدمه المؤسسة وما لا يمكنها، مما يقلل من فجوة التوقعات.
  • تحقيق التوافق بين الفعل والقول: حيث تعزز العلاقات العامة مصداقية المؤسسة عندما تكون رسائلها متسقة مع سلوكها، وهو ما يُعرف بالاتصال القائم على الأدلة.
  • التحكم في الانطباعات المتشكلة: عبر المراقبة المستمرة للآراء، وتصحيح المعلومات المغلوطة، وتوضيح المواقف، خصوصًا في المسائل ذات الحساسية الاجتماعية.
  • تفعيل الاتصال التشاركي: أي إشراك الجمهور في تصميم وتنفيذ المبادرات الاجتماعية، مما يرفع مستوى القبول والثقة، ويحول الجمهور من “متلقٍ” إلى “شريك”.

وعليه، فإن إدراك الجمهور لمصداقية المؤسسة لا ينبع فقط من جودة الرسائل الاتصالية، بل من التراكم الإدراكي الناتج عن التجربة والتفاعل والاستجابة والشفافية.

ثالثًا: قياس أثر الاتصال في تحسين الانطباع العام

لا يمكن الحديث عن فعالية العلاقات العامة دون الإشارة إلى أهمية قياس أثر الاتصال على الصورة الذهنية والانطباع العام. وتتم هذه العملية باستخدام مؤشرات كمية ونوعية تُسهم في تقييم مدى النجاح في تحسين نظرة الجمهور. ومن أبرز أدوات ومؤشرات القياس:

الأدوات الكمية:

  • استطلاعات الرأي العام لقياس مدى التغير في إدراك الجمهور للمؤسسة قبل وبعد الحملات الاجتماعية.
  • مؤشرات الرضا العام عن أداء المؤسسة في القضايا المجتمعية.
  • معدلات التفاعل الرقمي (نسبة الإعجاب، التعليقات الإيجابية، المشاركات)، باعتبارها مؤشرًا أوليًا على القبول المجتمعي للمحتوى الاجتماعي للمؤسسة.
  • مؤشر Net Promoter Score (NPS) لقياس مدى استعداد الجمهور لتوصية الآخرين بالمؤسسة بناءً على صورتها وسمعتها.

الأدوات النوعية:

  • تحليل مضمون التغطيات الإعلامية (إيجابي، سلبي، محايد) المرتبطة بالمبادرات الاجتماعية.
  • تحليل الاتجاهات والمشاعر (Sentiment Analysis) عبر أدوات الاستماع الاجتماعي، لقياس المشاعر السائدة حول المؤسسة.
  • المقابلات المعمقة ومجموعات التركيز لتقديم فهم أعمق عن كيفية إدراك الجمهور لدور المؤسسة الاجتماعي.

وتُظهر الدراسات أن المؤسسات التي تقيس بانتظام أثر اتصالها المجتمعي، تُحقق صورة ذهنية أكثر استقرارًا، وتتمتع بعلاقات أقوى مع جمهورها، مما ينعكس إيجابًا على قدرتها على النمو، وتجاوز الأزمات، والحفاظ على التميز التنافسي.

يُشكل الاتصال الفعّال في العلاقات العامة أداة استراتيجية لبناء وتعزيز الصورة الذهنية للمؤسسة، خصوصًا في سياق المسؤولية الاجتماعية. إذ لا يكفي أن تقوم المؤسسة بالمبادرات المجتمعية، بل الأهم أن تُحسن تقديمها وتفسيرها وشرح أثرها للجمهور. هذه العملية تحتاج إلى إدراك عميق بسلوك الجمهور، والتواصل الشفاف، والقياس المستمر، بما يعزز المصداقية والسمعة والقبول الجماهيري للمؤسسة.

 التحديات التي تواجه الوظيفة الاتصالية للعلاقات العامة في سياق دعم المسؤولية الاجتماعية

تلعب الوظيفة الاتصالية للعلاقات العامة دورًا جوهريًا في تعزيز مبادرات المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات، وذلك من خلال نقل رسائل المؤسسة إلى الجمهور بطريقة تبرز التزامها الأخلاقي والمجتمعي. ومع ذلك، فإن هذه الوظيفة لا تخلو من التحديات، خاصة عندما يكون هناك فجوة بين الخطاب الاتصالي والممارسة الواقعية، أو حين تُساء إدارة الرسائل الموجهة إلى الجمهور، أو تواجه المؤسسة مقاومة داخلية من أصحاب المصلحة حول جدوى الاستثمار في الجهود الاتصالية المرتبطة بالمسؤولية الاجتماعية.

  1. الفجوة بين الرسالة الإعلامية والتطبيق الفعلي

تُعد هذه الفجوة من أبرز التحديات التي تؤثر سلبًا على مصداقية المؤسسة. فغالبًا ما تُطلق المؤسسات حملات إعلامية مكثفة تعكس صورة مثالية عن التزامها المجتمعي، إلا أن الواقع قد يكشف عن ممارسات محدودة أو سطحية لا ترقى إلى مستوى التوقعات التي أوجدتها الرسائل الاتصالية. وتحدث هذه الفجوة نتيجة لعدة عوامل:

  • ضعف التنسيق بين الإدارات: قد تكون المبادرات الاجتماعية من إنتاج قسم العلاقات العامة فقط دون إشراك حقيقي لبقية الإدارات، مما يجعل الرسائل الاتصالية غير مدعومة بإجراءات ميدانية فعلية.
  • غياب مؤشرات الأداء: قد تفتقر المؤسسة إلى أدوات قياس فعالة لرصد نتائج مبادراتها الاجتماعية، مما يجعل من الصعب تقييم ما إذا كانت الممارسات متماشية مع الرسائل المعلنة.
  • الضغط الإعلامي أو الرغبة في التجميل: بعض المؤسسات تركّز على بناء صورة إيجابية سريعة أمام الرأي العام دون وجود خطة استراتيجية لتنفيذ مبادرات مستدامة، مما يؤدي لاحقًا إلى فقدان ثقة الجمهور عند انكشاف التباين بين القول والفعل.
  1. فقدان المصداقية عند المبالغة أو التجميل الإعلامي

في عصر الشفافية والاتصال الرقمي، أصبح الجمهور أكثر وعيًا ودراية، ويستطيع التمييز بسهولة بين الرسائل الحقيقية والمبالغ فيها. عندما تلجأ المؤسسات إلى غسل المسؤولية الاجتماعية” (CSR Washing)، أي استخدام خطاب اجتماعي أو بيئي جذاب دون وجود التزام فعلي، فإن ذلك يقوض المصداقية بصورة كبيرة. وتظهر هذه الإشكالية من خلال:

  • الخطاب الدعائي غير الواقعي: استخدام لغة مبالغ فيها أو أرقام غير موثقة حول أثر المبادرات الاجتماعية.
  • غياب الأدلة والشهادات: عدم توفير توثيق واقعي لتأثير الأنشطة الاجتماعية، مثل آراء المستفيدين أو تقييمات خارجية محايدة.
  • التركيز على الصورة لا على الفعل: الانشغال بإخراج بصري جذاب أو حملات ضخمة دون وجود قصص نجاح حقيقية تدعم هذه الصورة.

إن فقدان المصداقية لا يؤثر فقط على سمعة المؤسسة، بل يُفقد الجمهور اهتمامه بالمحتوى الاتصالي القادم، كما يعزز النقد من قبل الصحافة والناشطين، وربما يخلق أزمات اتصالية يصعب احتواؤها لاحقًا.

  1. صعوبة إقناع أصحاب المصلحة الداخليين بأهمية الاستثمار الاتصالي في CSR

رغم أن العلاقات العامة أصبحت جزءًا مهمًا من الاستراتيجية المؤسسية، إلا أن بعض الإدارات التنفيذية قد لا ترى في الاتصال وسيلة ضرورية لدعم المسؤولية الاجتماعية، مما يُشكل عائقًا أمام الفرق الاتصالية في تنفيذ حملات فعّالة. وتعود هذه الصعوبة إلى:

  • رؤية تقليدية للعلاقات العامة: يرى بعض المديرين العلاقات العامة كأداة تكميلية أو تجميلية، وليست عنصرًا استراتيجيًا له تأثير مباشر على الأداء المؤسسي.
  • تضارب الأولويات: في أوقات الأزمات المالية أو إعادة الهيكلة، قد تُعتبر الأنشطة الاتصالية المرتبطة بـ CSR ترفًا وليس استثمارًا.
  • قلة الوعي بنتائج الاتصال: عدم وجود ثقافة مؤسسية مبنية على مؤشرات الأداء والقياس يجعل من الصعب تبرير ميزانيات الحملات الاتصالية أو إدراجها في الخطط السنوية.

لتجاوز هذه العقبة، تحتاج إدارات العلاقات العامة إلى تقديم تقارير مدروسة مبنية على بيانات وتحليلات توضح كيف تؤثر الحملات الاتصالية في تحسين السمعة، جذب المواهب، وزيادة ثقة الجمهور وأصحاب المصلحة، مما ينعكس على مؤشرات النمو المستدام.

إن التحديات التي تواجه الوظيفة الاتصالية للعلاقات العامة في سياق دعم المسؤولية الاجتماعية تعكس الحاجة إلى مهنية عالية، وخطط متكاملة، وتعاون داخلي عميق بين الإدارات. فالفجوة بين الخطاب والفعل، وفقدان المصداقية بسبب التجميل الإعلامي، وضعف القناعة داخل المؤسسة، كلها عناصر يمكن معالجتها من خلال بناء استراتيجيات اتصال تقوم على الشفافية، والواقع، والتحليل. العلاقة بين العلاقات العامة والمسؤولية الاجتماعية علاقة عضوية لا يمكن أن تنمو إلا على أرضية من الثقة والتخطيط طويل الأمد.

  التوصيات المستقبلية لتعزيز دور العلاقات العامة في المسؤولية الاجتماعية

في ظل التغيرات المتسارعة في بيئة الأعمال وتزايد توقعات الجمهور بشأن التزام المؤسسات بأدوارها المجتمعية والأخلاقية، أصبحت الحاجة ملحّة لإعادة تموضع العلاقات العامة كمحرك استراتيجي يدعم مبادرات المسؤولية الاجتماعية بشكل متكامل ومستدام. وفي هذا السياق، فإن التوصيات التالية تمثل خطوات مستقبلية عملية ومبنية على الأسس العلمية لتفعيل هذا الدور وتعظيم أثره.

  1. ربط الاتصال المؤسسي بالأهداف التنموية المستدامة (SDGs)

أصبحت أجندة الأمم المتحدة 2030 للتنمية المستدامة إطارًا عالميًا مرجعيًا تسعى المؤسسات الحديثة إلى مواءمة أنشطتها معه، مما يمنحها بعدًا تنمويًا وإنسانيًا يتجاوز حدود المصلحة التجارية.

كيف يتم ذلك؟

  • مواءمة المبادرات الاتصالية مع أهداف محددة من الـ SDGs، مثل: القضاء على الفقر، جودة التعليم، المساواة بين الجنسين، العمل اللائق، والحد من أوجه عدم المساواة.
  • تحويل التقارير الاتصالية إلى أدوات شفافة تُبرز مساهمة المؤسسة في تحقيق هذه الأهداف بالأرقام والقصص والتأثيرات.
  • الترويج لقصص النجاح المرتبطة بالاستدامة من خلال منصات رقمية وإعلامية متعددة اللغات.

الأثر المتوقع:

  • تعزيز الصورة الذهنية للمؤسسة كمشارك فاعل في التنمية العالمية.
  • كسب ثقة جمهور عالمي متعدد الثقافات.
  • جذب المستثمرين والشركاء ممن يفضلون المؤسسات المسؤولة بيئيًا واجتماعيًا.
  1. تعزيز الشراكات مع المجتمع المدني ووسائل الإعلام

لا يمكن للعلاقات العامة أن تنجح في إيصال رسائل المسؤولية الاجتماعية بمعزل عن شبكة العلاقات المجتمعية. فالشراكات مع مؤسسات المجتمع المدني، والجهات غير الربحية، ووسائل الإعلام، تُمكّن المؤسسة من توسيع قاعدة التأثير، وتضفي على جهودها مصداقية أكبر.

سبل تعزيز الشراكة:

  • بناء منصات حوار وتعاون مع منظمات المجتمع المدني لتنفيذ حملات مشتركة، تتقاطع فيها الأهداف المؤسسية مع الاحتياجات المجتمعية.
  • إشراك الإعلام في المراحل المبكرة من الحملات الاجتماعية، ليس فقط كناقل للمحتوى، بل كشريك في صناعة الرسالة وتوجيهها.
  • توقيع مذكرات تفاهم مع كيانات إعلامية ومجتمعية لتبني حملات طويلة الأمد في قضايا كبرى (مثل التغير المناخي، الصحة العامة، التمكين الاقتصادي).

نتائج ملموسة:

  • توسع نطاق التأثير المجتمعي، وتحقيق الانتشار الجغرافي.
  • بناء رأي عام إيجابي تجاه المؤسسة من خلال روافع مستقلة وموثوقة.
  • تقليل التكاليف وتعزيز الكفاءة من خلال العمل التشاركي.
  1. تطوير مهارات الاتصال الأخلاقي والتشاركي داخل فرق العلاقات العامة

مع تزايد أهمية البُعد القيمي في أداء المؤسسات، لم يعد كافيًا أن تمتلك فرق العلاقات العامة مهارات فنية أو تقنية فقط، بل بات من الضروري أن تُبنى على أساس اتصال أخلاقي تشاركي يعكس الشفافية، والمسؤولية، والاحترام المتبادل.

المحاور التدريبية المقترحة:

  • أخلاقيات الاتصال المؤسسي: مثل الصدق، تجنب التجميل الإعلامي، احترام خصوصية المستفيدين.
  • الاتصال القائم على الحوار: تشجيع فرق العلاقات العامة على الاستماع الفعّال، والانخراط في نقاشات مع الجمهور، لا الاكتفاء ببث الرسائل.
  • مهارات بناء الشراكات المجتمعية: فهم ديناميكيات الفئات المستفيدة، تصميم حملات تراعي السياقات الثقافية والاجتماعية المختلفة.

أثر هذا التطوير:

  • رفع جودة الرسائل الإعلامية، وزيادة قبولها المجتمعي.
  • تعزيز ثقة الجمهور الداخلي والخارجي في المؤسسة.
  • تحسين أداء الحملات الاجتماعية على مستوى التأثير والاستدامة.

تمثل هذه التوصيات خارطة طريق استراتيجية للمؤسسات الساعية إلى دمج المسؤولية الاجتماعية ضمن بنيتها الاتصالية والإدارية بشكل احترافي ومستدام. إن ربط الاتصال المؤسسي بأجندة التنمية العالمية، والانفتاح على الشراكات المجتمعية والإعلامية، وتطوير القدرات البشرية من منظور أخلاقي وتشاركي، ليست مجرد خيارات، بل أصبحت شروطًا ضرورية لتكون العلاقات العامة قوة دافعة للثقة، والسمعة، والابتكار الاجتماعي في العصر الجديد.

الخاتمة 

في ظل المتغيرات العالمية المتسارعة والضغوط المتزايدة على المؤسسات لتكون أكثر شفافية وتفاعلًا مع قضايا المجتمع والبيئة، أصبحت العلاقات العامة أداة محورية لا تقتصر على بناء الصورة الذهنية أو إدارة السمعة فقط، بل تتعداها لتكون عنصرًا استراتيجيًا في تنفيذ وترويج مبادرات المسؤولية الاجتماعية.

لقد استعرض هذا المقال تطور العلاقة بين العلاقات العامة والمسؤولية الاجتماعية، من خلال فهم الأبعاد النظرية، وتحليل الوظيفة الاتصالية كمحور تكاملي بين المؤسسة والمجتمع. ومن خلال المحاور المختلفة، تم توضيح كيف تسهم فرق العلاقات العامة في تصميم الرسائل الاجتماعية، واختيار المنصات المناسبة، وبناء رؤية مؤسسية ملتزمة بالقيم الإنسانية والتنموية.

كما تناول المقال الآليات الاتصالية الحديثة التي تُستخدم لدعم الاستدامة، ودور العلاقات العامة في تشكيل الانطباع العام وبناء الثقة، مدعومًا بنماذج محلية وعالمية ناجحة. وفي ختام هذه الرحلة التحليلية، تم طرح مجموعة من التوصيات المستقبلية التي يمكن أن تعزز دور العلاقات العامة في تحقيق تأثير اجتماعي حقيقي ومستدام.

إنّ العلاقات العامة لم تعد وظيفة تكميلية، بل أصبحت تمثل صوت المؤسسة الأخلاقي والإنساني في المجتمع، ورافعة مركزية في بناء علاقات طويلة الأمد تقوم على الشفافية، والمسؤولية، والتشاركية.

 الأسئلة الشائعة 

  1. ما الفرق بين العلاقات العامة والمسؤولية الاجتماعية؟

العلاقات العامة تهدف إلى إدارة العلاقة بين المؤسسة وجمهورها من خلال الاتصال والتفاعل، بينما المسؤولية الاجتماعية تشير إلى التزامات المؤسسة تجاه المجتمع والبيئة. العلاقات العامة تُعد قناة لتنفيذ وتوصيل برامج المسؤولية الاجتماعية بفعالية.

  1. لماذا تعتبر الوظيفة الاتصالية أساسية في برامج CSR؟

لأنها الأداة التي تنقل رسالة المؤسسة إلى الجمهور، وتساهم في بناء الثقة، وتعزيز الفهم والدعم للمبادرات الاجتماعية، إضافة إلى قياس ردود الأفعال وتحسين الحملات وفقًا لذلك.

  1. ما الفرق بين الاتصال الإعلامي والاتصال المجتمعي في العلاقات العامة؟

الاتصال الإعلامي يركز على نقل المعلومات إلى الجمهور من خلال وسائل الإعلام، أما الاتصال المجتمعي فيركّز على التفاعل المباشر والتشاركي مع الفئات المستهدفة، ويعزز الاندماج المجتمعي الحقيقي.

  1. كيف تؤثر المسؤولية الاجتماعية على الصورة الذهنية للمؤسسة؟

عندما تُظهر المؤسسة التزامًا حقيقيًا بقضايا المجتمع، فإن ذلك ينعكس إيجابًا على سمعتها، ويزيد من مصداقيتها وولاء الجمهور لها، ما يعزز مكانتها التنافسية في السوق.

  1. ما التحديات التي تواجه فرق العلاقات العامة في دعم CSR؟

أبرز التحديات تشمل: غياب التكامل الاستراتيجي، ضعف المهارات الاتصالية الأخلاقية، نقص التمويل، عدم وضوح أهداف المبادرات الاجتماعية، وصعوبة قياس الأثر الحقيقي للاتصال المجتمعي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *